Sunday, September 21, 2014

أين الأخلاق

قبل عدة أيام، لفت انتباهي موقف غريب بعض الشيء.
أثناء قيادتي في أحد شوارع عمان لاحظت وجود فتاتين تحاولان وضع حقيبة كبيره في سيارة أجره. حتى هذه اللحظه يبدو الموقف عاديا.
نظرت في المرآة الخلفيه ووجدت أن سائق سيارة الأجره جالس في سيارته خلف المقود وكل ما يفعله هو النظر في مرآة سيارته الخلفية ليرى إن انتهت الفتاتان من وضع الحقيبة أم لا!
في بداية الأمر نظرت للموقف من منطلق خدمة الزبائن وكيف أن السائق كان يجب أن يساعد الفتاتين... في عدد من المؤسسات التي عملت بها، موقف كهذا يعني أن الموظف لم يقم بتقديم الخدمة المناسبة لزبائنه... وفعليا في الموقف الذي ذكرته الأمر متشابه كثيرا... عندما أعدت التفكير في الموقف وأبعاده ساءني جدا ما توصلت إليه، حتى أنني لمت نفسي قائلا أنني أبالغ في تفكيري...

أخذني المنطق إلى اتجاه لم أرغب في أن أصل إليه...
توصلت إلى قناعة في قرارة نفسي أن الموضوع يتجاوز ويتعدى كثيرا كونه إساءة في خدمة زبون... إن الموقف له أبعاد أخلاقيه أكثر بكثير مما هو ظاهر.
لو افترضنا أن نفس الموقف حصل قبل 10 سنوات وقبل 20 سنه كيف سيكون السيناريو؟
قبل أن تبدأ التفكير، لا تفترض سوء النية وتقول أن جميع سائقي سيارات الأجرة كذلك... لا يا عزيزي، من يقود سيارته في الشوارع ويتمعن يعلم حق العلم أن الكثير من سائقي سيارات الأجره متعاونين مع الناس من حولهم وأنا شخصيا قد صادفت الكثير منهم الذين يعينوا أناسا آخرين بمشاكل فنية في سياراتهم رجالا كانوا ونساء.

لنرجع الآن إلى نفس الموقف قبل 10 سنوات...
على أسوأ تقدير، سيقوم سائق سيارة الأجرة بفتح الباب والتوجه إلى الفتاتين ووضع الحقيبه عنهما في السياره وسيكرر الموقف نفسه عندما تصلان إلى مرادهما...

لنرجع الآن 20 سنة إلى الوراء ونتخيل الموقف...
في حال وصلت الفتاتان إلى الشارع مع هذه الحقيبة الكبيرة سيقوم أبناء الجيران (في نفس العمارة) بجر الحقيبة عنهما حتى وقوفهم في مكان يمكن أن يحصلوا فيه على سيارة أجره، وسيبقى معهم حتى يوقف السيارة لهم ويقوم بوضع الحقيبة في السيارة ثم التحدث مع السائق والطلب منه أن يوصلهم إلى المكان المحدد. في العديد من الحالات، التي أعرفها، سيقوم هذا الجار بالبحث عن بطاقة معلومات السائق للتأكد من التطابق بين البطاقة والسائق ثم تسجيل رقم السيارة واسم المكتب من باب الاحتياط إن حدث مكروه لا سمح الله...........

الاختلاف كبير جدا والموضوع كما توصلت في تفكيري يتجاوز كثيرا خدمة الزبائن وأخلاقيات العمل... الموضوع يتعلق بأخلاقنا وتربيتنا...
نادرا ما ترى شابا يطلب من السيارات التوقف ليساعد رجلا كهلا على عبور الشارع أو ليسمح لأطفال مدرسة أن يعبروا الشارع.... قل أن نرى اليوم شابا يعاون سيدة في حمل أغراض ثقيلة إلى سياراتها إلا إن كان مدفوع الأجرة وطلب أحد منه ذلك...

أين ذهبت أحلاقنا؟

No comments:

Post a Comment