الكثير منا يقارن أمتنا (التعبانة) مع باقي أمم العالم، وأنا أحد هؤلاء الناس. والطريف في موضوع المقارنة أننا نقوم بها على طريقتين...
الطريقة الأولى هي المقارنة بالدول التي قد نعتبرها أقل حظا منا وعادة يقوم بها أناس محدودوا الأفق، ضيقوا التفكير. يستخدموا هذه المقارنة لإقناع وإيهام أنفسهم ومن حولهم أننا بخير وأننا من أفضل الأمم...
الطريقة الثانية أن نقارن أنفسنا ببعض الدول التي تعتبر أكثر تقدما ورقيا وحضارة... بعض أصحاب هذا المذهب في المقارنة هدفهم التقليل من شأننا والتحقير من الوضع الذي نحن فيه وليس السير على نهجهم في بعض الأمور التي نجحوا بها ويمكن أن نقوم بتطبيقها في بلادنا.
لن أخوض في نقاش أن الطريقة الأولى في المقارنة مع من هم أقل حظا لا تدل إلا على الغباء وضيق الأفق وعدم التفكير في المستقبل وقتل الطموح الشخصي لديهم.
ما أود الخوض فيه هو النوع الثاني... عندما يقوم أحدهم (ويتنطح) وهو لا يفقه شيئا ويبدأ بالتنظير والشرح والتوضيح والإفتاء بما لا يعلم ولا يعمل... يستخدم المعرفة فوق السطحية لديه لعمل مقارنات تافهه... تصبح مقارنته على مبدأ " يا عمي هذول الناس أحسن منا وبيفهموا أكثر منا، شو بيجيبنا إلهم" ولم ينتبه يوما أن انحطاط تفكيره وإحباطه لمن حوله إضافة إلى عدواه السلبية هم أحد أسباب انحدار الأمه بأكملها... المشكلة تكمن في وجود العشرات والمئات بل آلاف الآلاف من هذا الصنف في أمتنا المسكينة... لو كان القرار بيدي لجمعت هذه النوعية ووضعتها في مبنى مصمت بدون أي نوافذ أو أبواب أو تهويه مع تلفزيون يبث أخبارا عن حقبة ما قبل التاريخ التي أتوا منها وأغلقوا عقولهم على محتواها، وأمنعهم من الاختلاط مع العالم الخارجي سواء مع البشر أو الشجر أو حتى الحيوانات...
على ذكر الحيوانات، طريقة تفكيرها أفضل من هذه النوعيه من البشر، كيف؟ في المعظم، الحيوانات تبحث عن طرق جديدة للحصول على قوت يومها وتعمل على تطوير مهاراتها لتنجح في صراع البقاء الذي لا يفرز إلى الأفضل... في عالم البشر (الخاص بشعبنا العربي)، صراع البقاء أصبح يفرز الأغبياء والمتملقين فقط على الأغلب وفي حالات نادرة يفرز الأقوياء ولكن بتحفظ حيث يلزمهم (واسطة) للوصول إلى تلك المراتب إلا من رحم ربي...
الغباء البشري تماما مثل الذكاء البشري، لا حدود له وتستطيع أن تطلق له العنان في فضاءات التفكير (الأعوج) لتهوي بها إلى القعر مع الكثير من الأغبياء...
لن أذكر الحل فهوا واضح لمن لديهم تفكير جلي...
وأخيرا، قمت بكتابة هذا العمود بعد حادثة طريفة حصلت مع زوجتي مع ولي أمر قرر أن معلمه لديها درجه جامعيه عليا والأهم منها خبرتها العملية وسيرتها الناجحة التي خرجت طلبة ارتقت بمستواهم اللغوي إلى مستويات لم يتخيل أحد أنهم سيصلوا لها (لا هم ولا أولياء أمورهم)، قرر أن هذه المعلمه لا تستطيع تدريس اللغة الانجليزية كونها من أصل عربي...
أحترم وجهة نظره الغبية وأقول له، من قال أن (الأجانب) أفضل منا في تدريس اللغات الأجنبية... ألم يلاحظ عدد الأخطاء التي يقوم بها ما نسميهم الأجانب الذين يعتبرهم أفضل منا في القواعد اللغوية للغتهم؟؟؟ ليس دفاعا عن زوجتي فقط ولكن دفاعا عن كل معلمينا الأفاضل، نساء ورجالا، صغارا وكبارا، الذين خرجوا أجيالا تستطيع أن ترتقي بأمتنا إلى قمم المجد لولا وجود أمثاله...
لهذا وللكثير من أمثاله، اخرج من قوقعة أنك أفضل ما أفرزته الأرض، وسع أفقك وحسن طريقة تفكيرك... وأفضل من هذا كله، ابحث عن سلبياتك لعلك تستطيع تطويرها وتحويلها إلى ايجابيات... في النهاية أنت تساهم في رفعة المجتمع والأمة أو تأخرها وانحطاطها، وفي كلتا الحالتي ستكون طرفا...